الحضارة المصرية القديمة
حضارة مصر القديمة :
تعد الحضارة المصرية القديمة واحدة من اهم الحضارات في شمال شرق افريقيا ، فقد قامت هذه الحضارة علي ضفاف نهر النيل في جمهورية مصر العربية حاليا ، وقد ارجع المؤرخون ان بداية حضارة مصر القديمة كان عام 3150 قبل الميلاد ، جاء ذلك عندما قام الملك مينا او المعروف باسم نارمر بتوحيد القطرين الشمالي والجنوبي لمصر (مصر السفلي -مصر العليا ) ، ومن هنا بدات الحضارة المصرية القديمة واستمرت نحو 3000 عام قبل الميلاد .
تعاقب علي مصر في هذه الفترة الطويلة الكثير من الممالك التي استقرت سياسيا بشكل عام ، تخللتها فترة من عدم الاستقرار النسبي في هذه الفترة تسمي بالفترة المتوسطه ، اما في عصر الدولة الحديثه فقد وصلت مصر الي ذروة حضارتها ، تبعها بعد ذلك فترة من الانحدار البطئ حيث هوجمت مصر في هذه الفترة من العديد من القوى الخارجيه ادي بها الي انتهاء حكمها الفرعوني علي يد الامبراطورية الرومانيه التي استولت علي مصر في القرن الاول قبل الميلاد .
كان من اهم عوامل نجاح الحضارة المصرية القديمة هو قيامها علي ضفاف نهر النيل شريان الحياه ، حيث توافر للمصرين كل مقومات الزراعة من حيث التربة الخصبه وكذلك المناخ المعتدل ولاسيما توافر المياه العزبه للشرب والري ،فازدهرت الزراعة بشده في هذا الوقت وكان لديهم انظمة ري متطوره وادوات خاصه بالانتاج الزراعي ، وقام المصريون القدماء بانتاج المحصول الوافر الزي ساهم في التنمية والرخاء .
وبرع ايضا المصريون في استخراج المعادن من منطقة الوادي ، كما توصلوا الي اهم اختراع وصلت اليه البشرية الي الان وهومعرفتهم للكتابه (وكان لهم كتابه خاصه بهم ) ، ومن ثم عرفوا التجارة مع المناطق المحيطه بمصر ، كما قام المصريون القدماء ببناء التعزيزات العسكريه وبناء خطوط الدفاع لمقاومة الاعداء والطامعين لفترة طويلة من الزمن .
علي الجانب الاخر من تطور مصر في مجال الزراعه والتجارة والنظام العسكري ايضا ، فقد استغل المصرين المحاجر المحيطه بمصر في ذلك الوقت وقاموا ببناء العديد من المعابد والاهرامات الضخمة والمسلات بالاضافة الي المقابر التي اهتموا بها بشكل خاص اعتقادا منهم بالبعث والخلود علي الرغم من قلة وانعدام الامكانيات والتقنيات في ذلك العصر، كما برع المصريون ايضا في مجال الهندسة والحساب والطب بشكل رائع .
عرف ايضا المصريون القدماء الرسم علي الزجاج ، كما توصلوا ايضا الي كتابة المعاهدات فقد ذكر ان اول معاهدة سلام في التاريخ وجدت في مصر القديمه .
كانت هذه الحضارة مناره للحضارات الاخري في العالم فقد اخذ منها الرومان الفن والعماره وبعض الاشكال المعماريه ، ومع عمليات البحث والتنقيب الحديثه والمستمره الي الوقت الحالي فقد ظهر للعالم ملامح هذه الحضارة العظيمه وعرفت كل اسرارها للعالم .
نشأة وتكوين المجتمع المصري القديم :
كان لنهر النيل دور كبير في قيام المجتمع المصري القديم فكما ذكرنا ان الحضارة المصريه القديمه نشأت علي ضفاف نهر النيل حيث وجود التربه الخصبه والمياه العزبه للشرب والري ، الزي ساعد بدوره علي قيام الزراعه وحيث توجد الزراعه يوجد المجتمع فهي العامل الاكبر في تكوين ونشأت اي مجتمع بدائى .
ومن عوامل قيام المجتمع ايضا هو الموقع الجغرافي ، فقد ساعد موقع مصر الجغرافي المتميز في قيام مجتمعها القديم بكل سهوله فقد استقر المصريون القدماء علي ضفاف النيل حيث الموقع الجغرافي المتميز الزي ساعدهم في القيام بعمليات التجاره مع المناطق المحيطه بمصر بكل سهوله عبر النيل ، وقد انقسمت مصر جغرافيا في ذلك الوقت الي قسمين، مصر العليا التي تتكون من وادى ممتد من شلالات اسوان وحتي راس الدلتا ، ومصر السفلي وهي عباره عن ارض منبسطه تحتوي علي بعض فروع نهر النيل .
كان لبراعة المصريون القدماء في استغلال كل مايحيط بمجتمعهم دورا كبيرا في نشأت مجتمعهم وتطوره فمثلا استطاع المصريون باستغلال منطقة وادي النيل والمنطقة الصحراويه في استخراج المعادن المهمه مثل الحديد والنحاس ، كما استخدموا الهضاب والمحاجر لقطع الاحجار وبناء معابدهم ومقابرهم التي ظلت موجوده الي الان وتحكي تاريخهم العظيم .
تخصص المجالات واتقان الحرف كان ايضا لهم دورا مهما في تكوين المجتمع المصري القديم ، فقد برع المصريون القدماء في عديد من الحرف القديمه واتقانها فكان هناك عمال يصبغون الجلود واستخدامها كملابس واخرون يصنعون الاواني والاغراض التي تستخدم في الحياة اليوميه وكان منهم ايضا يعمل في مجالات الهندسه والرياضيات والطب وبرعوا فيهم باتقان ، فلم يكن هذا المجتمع عشوائي بل كان مجتمع قائم علي قوانين متقنه .
الزراعه في مصر القديمه :
اعتمد المصريون القدماء في نظام الزراعه علي الفيضانات الموسيميه لنهر النيل ، فكان من المعروف براعة المصريون في التنبؤ بمواسم فيضان النيل ووجود التربه الخصبه الزي ساهم بدوره في بناء الثروه الزراعيه الكبيره ، ومارس المصريون الزراعة قديما علي نطاق واسع بسب معرفتهم لنظام الري بالغمر فنجحوا في انبات الكثير من المحاصيل الزراعيه الاساسيه للحياة مثل حبوب القمح والشعير والمحاصيل الصناعية مثل الكتان والبردي .
استغل المصريون قدرتهم في التنبؤ بنمط الفيضانات الموسيميه احسن استغلال ، فقاموا بانشاء العديد من المشروعات المستخدمه في الري مثل حفر الترع والقنوات لنقل مياه النيل وتوزيعها للشرب والري ، كما جعلوا لانفسهم نظام معين من معرفتهم لارتفاع مستوي مياه النيل حيث كانوا يقسمون علي اساسها منسوب الفيضان من اجل تحديد قيمة الضرائب المفروضه علي المزارعين .
كانت الزراعه عند المصرين تبدا في شهر اكتوبر، حيث ان بعد تنبؤهم بموسم الفيضان ومعرفة توقيته في اغسطس وسبتمبر كانت تنحسر مياه الفيضان في شهر اكتوبر ، فيجد المزارعين تربة خصبه وارض مرويه بالمياه العذبه صالحة للزراعه بشكل طبيعي ، وكانت تترك المحاصيل لتنمو مع اقل قدر من الرعايه الي ان تنضج بين شهري مارس ومايو ثم ياتي بعد ذلك موسم الحصاد .
كما كان للفيضان اهميته كان ايضا له اضراره فكانت مياه الفيضان العاليه مدمره جدا فكان بامكانها ان تدمر القنوات التي شقها المزارعين للري ، ومن الناحية الاخر كان لانقطاع الفيضان مشاكله الكثيره فقد كان يترك المصريون يعانون من المجاعات .
كيف كانت تتم عملية الزراعه ؟
كانت الزراعه قديما تمر بعدة مراحل بعد ان تنتهي مياه الفيضان وترجع الي النيل ، كانت تبدأ عملية الحرث والعزق حيث يقوم الفلاح بعزق الارض بالفاس اوحرثها بالمحاريث ثم يقوم الفلاح ببذر البذور واطلاق الاغنام لتغرسها بارجلها في التربه ، ومع مراعاه للارض بعد الانبات ينتظر الفلاح عمليه الحصاد ويجمع المحصول في شباك او يضعه علي شكل حزم لنقله الي الاجران لتدرسه الدواب .
كانت اهم النباتات التي يقوم المزارعين بزراعتها هي الحبوب ووالنباتات والخضروات منها القمح والشعير والفول والعدس والخيار والحلبه والبصل والخس وغيرها.
التجارة في مصر القديمة :
مع نجاح المصريون القدماء في عملية الزراعه التي تبدو ركن اساسي في تكوين المجتمع ، نجح المصريون ايضا قديما في عملية التجارة لضمان استقرار المجتمع وتقدمه ، فقد قام المصريون بعملية التجاره مع المناطق المحيطه بمصر للحصول علي السلع النادره التي لاتوجد في مصر، فبدات التجاره جنوبا مع النوبه في عصر ماقبل الاسرات فقد جلبوا من هناك الذهب والبخور، ومن خلال نمط اباريق الزيت التي وجدت في قبور ملوك الاسره الاولي عرف انهم قاموا بالتجاره مع فلسطين .
واستمرت التجارةعلي هذا المنوال من جذب السلع النادره وتصدير الاغراض الزائده ، ومع بدايه عصر الاسرات وبدأ لمصر ان تكون لها سيطرة خارجيه علي مستعمرات اخري مثل كنعان ، فقام الملك نارمر بتصدير الفخار المنتج في كنعان الي مصر ، وفي الاسره الخامسة ايضا وفرت بلاد بنط للمصرين الذهب والخشب والعاج وبعض الحيوانات البريه مثل القرده .
وتوسعت تجارة مصر بعيدا ايضا فقد حصلت مصر من افغانستان علي حجر اللازورد الازرق حيث كانت مصر تقدر قيمته جيدا ، كما قدمت اليونان وكريت لمصر زيت الزيتون ، كما صدرت مصر في مقابل هذه الواردات بعض الحبوب والكتان والذهب وورق البردي وكذلك الزجاج .
العمارة في مصر القديمة :
بجانب التميز الدائم والمستمر للمصرين القدماء في العديد من المجالات فكان للعمارة النصيب الاكبر في التميز والاتقان ، فقد كانت العمارة في مصر القديمه الاكثر شهره في العالم ، فما قام به المصريون في هذا المجال من ابداع في بناء المعابد والاهرامات والمسلات العملاقه والمقابر المطرزه خير دليل علي ذلك ، وكانت الدولة المصريه في ذلك الوقت هي المسؤله الاولي والممولة لبناء كل هذه الابنيه العملاقه التي مازالت خير دليل لهذه الحضاره العظيمه ، وقد ارتبطت العمارة بالدين بشكل كبير في ذلك الوقت .
ولم يكن جميع بنيان البلاد متساويا فقد كان الملوك والاغنياء وكبار رجال الدوله يعيشون في القصور والاماكن المترفه ، بينما يعيش البسطاء في بيوت بسيطه تناسب واقعهم ولذلك الكثير والكثير من بنيان البيوت المصريه القديمه فقدت ودمرت ولم يعد لها اثر لانها بنيت بطريقة سريعه وبسيطه باستخدام الطوب اللبن والخشب ، بينما اهتم المصريون ببناء الابنيه الهامه الخاصة بالملوك والالهه بالاحجار لكي تبقي وتظل لفتره زمنيه اطول .
إرسال تعليق